ديوان المظالم هو هيئة قضاء مستقلة في السعودية تسعى بكل السبل والوسائل لإرساء العدل والإنصاف والرقابة القضائية الفاعلة على الأعمال الإدارية من خلال الدعاوى الماثلة أمامه لضمان حسن تطبيق الأنظمة واللوائح المقررة وتطوير آليات التواصل مع جهات الإدارة بتمكينهم من وسائل التظلم من قرارات وأعمال الإدارة المشوبة بعدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو السبب أو مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استخدام السلطة بما يكفل تحقيق العدل واسترداد الحقوق ورد المظالم لأهلها، لذا فقد اهتمت المملكة العربية السعودية منذ توحيدها على يد مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، بتخصيص جهة للفصل في المظالم إلى حين أن اتضحت معالم الديوان وتحددت اختصاصاته بموجب المرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 17 رجب 1402 هـ، ثم توّجت تلك الإنجازات بعد ذلك بالإعلان الرسمي لأكبر مشروع وطني تبناه خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وكان ذلك بموجب المرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19 رمضان 1428 هـ .
النشأة والتأسيس
منذُ أن تأسست السعودية و تشكلت أجهزة الدولة الرسمية بها وقامت دولة المؤسسات والنظام كانت ولاية المظالم من أولويات الدولة، فلقد أولاه ولاة الأمر في البلاد جل اهتمامهم، لأنه متى وجد العدل وجد الأمن والاستقرار، فديوان المظالم مر بالعديد من المراحل التطويرية لكثرة ما أسند إليه من مهام جسيمة. كان فديوان المظالم منذُ إنشائه شعبة بديوان مجلس الوزراءإلى أن صدر المرسوم الملكي رقم (78/م) المؤرخ في 19 رمضان 1428 هـ بإصدار نظامه الجديد ويقوم برئاسته رئيس بمرتبة وزير فهو مرتبطاً ارتباطاً رسمياً بملك المملكة لأهميته، وقد مرت الهيئة بأربعة مراحل، وهي كالتالي:
المرحلة الأولى
إنشاء شعبة المظالم بديوان مجلس الوزراء بموجب نظام شعب مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 12 رجب 1373 هـ، والتي نصت في المادة (17) على أنه: "يشكل بديوان مجلس الوزراء إدارة عامة باسم: (ديوان المظالم) ويشرف على هذه الإدارة رئيس يعين بمرسوم ملكي وهو مسؤول أمام جلالة الملك، وجلالته المرجع الأعلى له".
المرحلة الثانية
بعد مضي فترة من إنشاء شعبة المظالم رأى ولاة الأمر إحداث نقلة في عمل ديوان المظالم ليواكب الهدف الذي من أجله تم إنشاؤه فصدر المرسوم الملكي رقم (7/13/8759) وتاريخ 17 رمضان 1374 هـ، القاضي بتشكيل ديوان مستقل باسم ديوان المظالم ويقوم بإدارته رئيس بدرجة وزير يعين بمرسوم ملكي.
المرحلة الثالثة
أصبح ديوان المظالم في هذه المرحلة هيئة قضاء مستقلة مترتبطة مباشرة بالملك[3] وذلك وفقاً لنظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 17 رجب 1402 هـ وكانت اختصاصات الديوان في ذلك الوقت على النحو التالي:
- القضاء الإداري
وهو الاختصاص الأساسي للديوان ومن أجله أنشئ وهو على أربعة أنواع:
- النوع الأول: الفصل في المنازعات المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والتقاعد لموظفي الدولة ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة.
- النوع الثاني: الفصل في المنازعات المتعلقة بالطعن في القرارات الإدارية للأسباب المنصوص عليها في النظام.
- النوع الثالث: الفصل في الدعاوى المتعلقة بالتعويض الموجهة من ذوي الشأن إلى الحكومة والأشخاص ذوي الشخصية المعنوية بسبب أعمالها.
- النوع الرابع: الفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود التي تكون الحكومة أو إحدى الشخصيات المعنوية العامة طرفاً فيها.
- القضاء التأديبي
وهو الفصل في الدعاوى التأديبية التي تقام ضد الموظفين لمخالفات تتعلق بأعمالهم الوظيفية أو سلوكهم الأخلاقي.
- القضاء الجزائي
ويشمل الفصل في الدعاوى الجزائية الموجهة ضد المتهمين بارتكاب الجرائم المنصوص عليها في بعض الأنظمة والمراسيم الملكية، مثل: جرائم الرشوة ومباشرة الأموال العامة وجرائم التزوير وغيرها.
- القضاء التجاري
ويشمل الفصل في الدعاوى التجارية وما يتعلق بها استناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم (421) وتاريخ 26 شوال 1407 هـ.
- طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية
وذلك استناداً إلى المادة (8) من النظام السابق للديوان.
الفصل فيما يحال إلى الديوان بقرار من مجلس الوزراء أو النصوص التي ترد في بعض الأنظمة مسندة الفصل في المنازعات الواردة فيها إلى الديوان.
المرحلة الرابعة (الحالية)
في سبيل دعم وتطوير وتخصيص مستقبل القضاء الإداري في المملكة، قام المنظم بإصدار نظام ديوان المظالم الجديد بالمرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19 رمضان 1428 هـ، والذي حدد الأطر الجديدة للقضاء الإداري بما يلي:
- تحويل فروع الديوان إلى محاكم إدارية، وإنشاء محاكم إدارية في باقي مناطق المملكة وكذلك تحويل هيئة التدقيق بالديوان إلى محكمة استئناف إدارية بمدينة الرياض، وإنشاء محاكم استئناف إدارية بمحافظة جدة والدمام وأبها والمدينة المنورة .
- إنشاء المحكمة الإدارية العليا.
- إنشاء مجلس للقضاء الإداري، وتحديد الاختصاصات والوحدات التابعة له.
- سلخ القضائين التجاري والجزائي وهيئات تدقيقهما بالقضاة والأعوان من الديوان إلى القضاء العام.
- اختص الديوان بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة العسكرية، والنظر في دعاوى إلغاء قرارات المجالس التأديبية واللجان شبه القضائية، وجمعيات النفع العام في القرارات المتصلة بنشاطها.
اختصاصات ديوان المظالم
المحاكم الإدارية
جاء في المادة الأولى من نظام ديوان المظالم أن: (ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة) وبناءً عليه حدد المنظم الاختصاصات المناطة بمحاكمه فذكر في المادة الثالثة عشرة ما نصه: تختص المحاكم الإدارية بالفصل في الآتي:
- الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والعسكرية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة المستقلة أو ورثتهم والمستحقين عنهم.
- دعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية التي يقدمها ذوو الشأن، متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص، أو وجود عيب في الشكل، أو عيب في السبب، أو مخالفة النظم واللوائح، أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعمال السلطة، بما في ذلك القرارات التأديبية، والقرارات التي تصدرها اللجان شبه القضائية والمجالس التأديبية. وكذلك القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام وما في حكمها المتصلة بنشاطاتها، ويعد في حكم القرار الإداري رفض جهة الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقاً للأنظمة واللوائح.
- دعاوى التعويض التي قدمها ذوو الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة.
- الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها.
- الدعاوى التأديبية التي ترفعها الجهة المختصة.
- المنازعات الإدارية الأخرى.
- طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية وأحكام المحكمين الأجنبية.
محاكم الاستئناف الإدارية
ذكرت المادة الثانية عشرة من نظام ديوان المظالم اختصاص محاكم الاستئناف حيث نصت على أن "تتولى محاكم الاستئناف الإدارية النظر في الأحكام القابلة للاستئناف الصادرة من المحاكم الإدارية، وتحكم بعد سماع أقوال الخصوم وفق الإجراءات المقررة نظاماً"
المحكمة الإدارية العليا
المحكمة الإدارية العليا ومقرها الرياض.
بينت المادة الحادية عشرة من النظام اختصاصات المحكمة الإدارية العليا حيث جاء فيها، تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في الاعتراضات على الأحكام التي تصدرها محاكم الاستئناف الإدارية، إذا كان محل الاعتراض على الحكم ما يأتي:
- مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية، أو الأنظمة التي لا تتعارض معها أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، بما في ذلك مخالفة مبدأ قضائي تقرر في حكم صادر من المحكمة الإدارية العليا.
- صدوره عن محكمة غير مختصة.
- صدوره عن محكمة غير مكونة وفقاً للنظام.
- الخطأ في تكييف الواقعة، أو في وصفها.
- فصله في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين طرفي الدعوى.
- تنازع الاختصاص بين محاكم الديوان.
نظام ديوان المظالم
"تضمن نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19 رمضان 1428 هـ، بيان مهام ديوان المظالم واختصاصات محاكمه تفصيلاً؛ فقضت المادة الأولى بأن: ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة، يرتبط مباشرة بالملك، وبالتالي فإن مهام الديوان مهام قضائية في المقام الأول، كما بيَّنت المادة الثامنة أن محاكم الديوان ثلاث هي: المحكمة الإدارية العليا، ومحاكم الاستئناف الإدارية، والمحاكم الإدارية، وأنه يجوز لمجلس القضاء الإداري إحداث محاكم متخصصة أخرى بعد موافقة الملك، وقد حدد النظام اختصاصات كل محكمة من هذه المحاكم، فالمحكمة الإدارية العليا مُختصة بالنظر في الاعتراضات على أحكام محاكم الاستئناف الإدارية في حالات معينة بيَّنتها المادة الحادية عشرة من النظام، غير أن مباشرة المحكمة الإدارية العليا لهذا الاختصاص موقوف على صدور نظام المرافعات أمام ديوان المظالم ونفاذه وفقاً لما قررته آلية العمل التنفيذية الصادرة بالمرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19 رمضان 1428 هـ، وبالتالي يكون الحكم الصادر من محاكم الاستئناف الإدارية نهائياً وباتاً، وذلك في حدود اختصاصها النظامي المتمثل في النظر في الاعتراضات على أحكام المحاكم الإدارية. أما المحاكم الإدارية؛ فإنها تختص بالفصل في المنازعات الإدارية التي حددتها المادة الثالثة عشر من النظام تفصيلاً ومنها: دعاوى الحقوق الوظيفية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الجهات الإدارية، ودعاوى إلغاء القرارات الإدارية، ودعاوى التعويض والعقود التي تكون جهة الإدارة طرفاً فيها، والدعاوى التأديبية التي ترفعها الجهة المختصة، وكذا المنازعات التي ينطبق عليها وصف المنازعة الإدارية وفقاً لما تحدده محاكم الديوان في هذا الخصوص".
نظام المرافعات أمام ديوان المظالم
تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود اطلع مجلس الوزراء على مشروعات أنظمة (المرافعات الشرعية، والإجراءات الجزائية، والمرافعات أمام ديوان المظالم)، وبعد مناقشتها أصدر المجلس في جلسته المنعقدة بتاريخ 8/1/1435هـ القرارات اللازمة حيالها، وبعد اطلاع خادم الحرمين الشريفين على ما انتهى إليه مجلس الوزراء، أصدر المراسيم الملكية اللازمة بالموافقة على هذه الأنظمة . وقد جاء إقرار هذه الأنظمة تتويجاً لما قضى به نظام القضاء ونظام ديوان المظالم، وآلية العمل التنفيذية لهما، وإنجازاً لمرحلة بالغة الأهمية من مراحل مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء؛ ليشمل جميع مكونات المنظومة القضائية .
تعليقات
إرسال تعليق